داخل أحد منازل بلدة كفر راعي جنوب غرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، تتجمع عشرات الأفاعي المختلفة في الأحجام والأشكال والمسميات في أوان وعلى الجدران وأغراض المنزل، لتمنح المكان مظهراً جذاباً من نوع مخيف.
صاحب المنزل المواطن مالك دلة (45 عاماُ)، أدخل الأفاعي إلى منزله عنوة، وأجبرها على التكيف مع المحيط وظروف الحياة الجيدة قسراً، بعد أن اصطادها من أماكن متفرقة في جبال البلدة بطريقته الخاصة التي اعتادها منذ عشرين عاماً.
وتحول صالون الضيافة في المنزل إلى معرض للأفاعي التي تضم بينها أنواعاً سامة جداً قد تودي بحياة الإنسان في لحظات إذا ما تمكنت من لدغه، ولكنها حنطت أيضاً بطرق خاصة تجعلها محافظة على شكلها لوقت طويل.
ويستقبل هذا المواطن يومياً العديد من المهتمين والهواة الذين يأتون لمشاهدة هذه الأفاعي عن قرب والتمعن بتفاصيل أجسادها وألوانها البراقة الجميلة التي تمتع الناظرين بنفس القدر التي تشعر به بالألم والحزن على اعتقالها واحتجازها في قنينة أو وعاء خاص محكم الإغلاق إلى إشعار آخر.
ومن يدخل المنزل للمرة الأولى يجذبه التواجد المكثف للأفاعي، والتوزيع المميز لها في مختلف أنحاء غرفة الضيافة، فلم يعد يستخدم الورود للزينة والجمال، وإنما حل الرعب محل الزينة بعد الترويض، فأصبحت عوامل الخوف من أساسيات الجمال التي تمنح الناظرين شعوراً لا يستطيع الورد تكوينه.
وحسب المواطن دلة، فإن الأفاعي ذكية تدرس نفسية من يقابلها، وتحدد مدى نسبة خوفه منها، وأن عملية اصطيادها ليست سهلة وإنما تحتاج للخبرة العملية والجرأة وعدم الخوف، إضافة إلى كيفية التعامل معها خلال عملية التقاطها وبعدها، منوهاً إلى أن الكثير من الناس لدغوا ومنهم من دفع حياته ثمناً خلال محاولاتهم إمساك الأفاعي.
وتابع للأفاعي أنياب تستخدمها لتفريغ السموم في الفريسة بعد السيطرة عليها، ولها شعيرات تخرج من فمها بشكل مستمر لتحسس حركتها وطريقة تنقلها وتحديد فريستها، وأن إمساك الأفاعي لا يكون إلا من مقدمة جسدها وتحديداً بعد رأسها بخمسة سنتمترات تقريباً.
ومن بين الأفاعي المنتشرة في فلسطين يوجد أربعة أنواع سامة جداً، من أخطرها الثعبانين الفلسطيني والسوري حسب ما يعرفه دلة، وأن الثعبان الفلسطيني يحمل رأساً مثلثاً وأنياباً أمامية بارزة ولا يزيد طوله عن متر ونصف المتر، فيما يتميز لونه بأشكال مكعبة متعددة الألوان، وأن السوري يتجاوز طوله المتر الواحد بقليل، ولكن ألوان مكعبات جسده تميل إلى اللون الأسود.
وأشار إلى نوع خطير من الأفاعي يعيش في صحراء النقب، مزود بنتوءات تعرف بالقرون، وأن لدغة هذا النوع من الأفاعي تودي بحياة الإنسان مباشرة.
ويمارس دلة هوايته في جمع الأفاعي منذ كان شاباً في مقتبل العمر، وأحياناً يبيعها للهواة والمهتمين، وقد يهديها لصديق أو قريب، وعادة ما يعرض بعضها في بقالته الخاصة وسط البلدة لتكون محط حديث العديد من المواطنين في جلساتهم.
وما يجد ذكره هنا، أن جميع أبنائه الذكور يمارسون بإتقان هواية والدهم، ويخرجون أحياناً للجبال والأراضي الزراعية القريبة من منزلهم للبحث عن الأفاعي بين الصخور وفي الآبار المهجورة والكهوف، وهذا ما زاد عدد المعروض لديهم من الأفاعي المختلفة.
ولفت دلة إلى أن نسبة كبيرة من الأفاعي التي يصطادها وتحديداً الخطيرة منها، يقوم بتحنيطها من خلال حقنها بمادة 'الفورمالين' التي تعمل على قتل الأفعى مع بقاء شكلها وحجمها كما هو لفترة طويلة قد تمتد لعشرات السنين.
ومهما يكن الأمر فإن المواطن دلة، يعد حالة فريدة في تعاطيه مع الأفاعي والتعايش معها، ويلحظ من يحادثه شغفه الكبير بمواصلة هوايته الخطرة، واستخدامه لهذه المخلوقات كأركان أساسية في منزله الذي يساعده موقعه في أطراف البلدة وقربه من الأراضي الزراعية على ذلك.
*وفا-دعاس ذياب