عن الموسوعة الثقافية (الموسوعة الصغيرة سابقا) السلسلة الثقافية الشهرية التي تصدر عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد صدر الكتاب الذي يحمل الرقم (55) وهو يحمل عنوان (مفهوم الشعر عند السياب) للدكتور عبد الكريم راضي جعفر، وقد اشار الكاتب في مقدمته ان السياب (1926-1964) الرائد الابرز من بين رواد قصيدة الشعر الحر الذين وفوا على ولادة شكل جديد ومحتوى جديد فارقا السائد المألوف، السياب الذي آمن بما لايقبل الامتحان بالتغيير الذي يساوق الحياة الجديدة فكان بذلك علما من اعلام الشعر العربي المعاصر.
واشار الكاتب: لقد كتب عن السياب شاعرا ما كتب وتناولته اقلام الباحثين والنقاد بكتب ودراسات او ابحاث في مجلات وصحف وكرست رسائل واطروحات جامعية عن شعره، فدرسته دراسات فنية واسلوبية وبنيوية وموضوعاتية في العراق وخارجه بما يشكل مكتبة خاصة، ومثل ذلك فعلت، كتب ودراسات وابحاث تناولت حياته ورسمت معالمها منذ الطفولة حتى وفاته.
واستطرد قائلا: وليس ذلك بغريب على شاعر كان الشعر تاجه الذي تمسده اصابعه المعروقة ويربت الشعر على كتفيه، طفلا تسكنه تهويدة او لعبة التعجيب او الاندهاش، هي لعبة اللغة والوزن التي همست في اذنيه بصوت عال، بكلمات تأخذ سمت حبات مطره الجيكوري ومائه البويبي الغائر في عينيه- السراجين وسفنه البصرية المستوحشة على ضفاف شط العرب بطينه ونخيله وسمكه السهران، هكذا اذن كان السياب في الابحاث والدراسات والاطروخات والمقالات، شاعرا لايقف على اطراف اصابع رجليه ولا يضع قطنا داخل قميصه ليبدو صاحب عضلات مزيفة وكزيفة، اقول كان السياب هو ذاك شاعرا غير انه لم يطلع عليه نظر نقدي للشعر، وكيف لا تكون له نظرات نقدية وهو الذي عرف كيف يحول الفوضى الى نظام وكيف يحول الام الدم الى حبر.
ويوضح الكاتب: من هنا ارتأيت ان ابحث في هذه الدائرة – الفضاء التي لم تفارق الشعر، فطفقت ابحث في الصحف والمجلات عما كتبه السياب وما صرح به في مقابلات وما ناقش من جايله في امور تخص القصيدة القصيدة بنت الخيال الممتاز والدم القاني، فظفرت بما ظفرت، الامر الذي امد هذه السطور بنسغ جديد يؤشر النظر النقدي للسياب، وقرأت ديوانه الضخم قراءة متأنية فألتقطت ما يعزز نظره النقدي او يفصح عن جديد نقدي، غير ناس المصادر الادبية والنقدية العربية والاجنبية التي وجدتها تمس الموضوع.
يتضمن الكتاب ثلاثة فصول، الفصل الاول حمل عنوان (ماهية الشعر ووظيفته) تناول فيه الكاتب تعريف السياب للشعر وطبيعته ومبعث الشعر ودوافعه ثم العاطفة، ثم وظيفة الشعر عند السياب، والفصل الثاني حمل عنوان (السياب والحركة الشعرية) تناول فيه اسباب ولادة الشعر الحر كما يراها السياب والتغيرات الكمية والكيفية لقصيدة الشعر الحر ثم الشعر الحر والضرائر، والفصل الثالث فكان بعنوان (وسائل التعبير الفنية ووحدة القصيدة) تناول فيه لغة الشعر والتكرار بوصفه ظاهرة اسلوبية والاسطورة والرمز الاسطوري ثم الرمز السياقي، كما تناول موسيقى الشعر / الوزن وكيف بنظر اليه السياب فضلا عن القافية بوصفها مدركا صوتيا