في مثل هذا الوقت من العام المنصرم، كانت المراهقة جانيت كيماني تمضي أوقاتها بين مقاعد الدراسة والجلوس ليلاً لمشاهدة التلفزيون مع إخوتها الصغار.. حالياً نجد الفتاة البالغة 14 عاماً، نائمة معظم ساعات النهار، كي يمكنها العمل ليلاً في بيع جسدها الطري مقابل ثلاثة دولارات للساعة.
مرتدية تنورة قصيرة سوداء اللون ويعلوها قميص أبيض، تقول جانيت لوكالة أسوشيتد برس "هناك العديد من مثيلاتي في الشارع هذه الأيام" في إشارة إلى الأوضاع التي وصلت لها مدينتها إلدوريت، التي تقع غرب كينيا والتي كانت منطلق الأزمة التي سبقت الانتخابات هذا العام.
ووفق مراقبين من وسط جمعيات حقوق الإنسان والصحة، فإن الدعارة واستغلال الفتيات في تجارة الجنس أصبحتا في تنامي إثر موجة العنف التي تفجرت في كينيا وحصدت أرواح أكثر من مائة ألف شخص، كما قضت على اقتصاد البلاد وأجبرت عشرات الآلاف من الأطفال على ترك مدارسهم.
وبالرغم من عدم توفر إحصائيات دقيقة، غير أن خبراء الصحة يقولون إنهم متخوفون من زيادة أعداد فتيات الهوى الصغيرات، ما قد يقوّض جهود مكافحة الايدز في البلاد.
من جهتها تقول تيريزا أوموندي، رئيسة مركز التعافي من العنف الجنسي في مستشفى نيروبي النسائي العام، "مع الوقت سنبدأ بلمس وقع هذا الصراع على فيروس الـHIV والايدز."
من جهته بدأ المجلس الوطني للسيطرة على الايدز في البلاد بدراسة تتعلق بآثار العنف الجنسي مثل عمليات الاغتصاب التي تشنها العصابات.
بموازاة ذلك باءت محاولات الوكالة الاتصال بالمتحدث الحكومي ألفريد موتوا، للوقوف على رأيه، بالفشل.
وأطلعت عدة مومسات صغيرات الوكالة بأنهن يمارسن الجنس دون استخدام الواقي الذكري لجذب الزبائن خاصة بعد تزايد أعدادهن في هذه الحرفة وتنامي المنافسة.
سفك الدماء الذي تفجر في أعقاب الانتخابات الرئاسية في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، سجل مرحلة سوداء من تاريخ البلاد منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1963، كما أدت أعمال الفوضى والقتال العرقي إلى كشف عمق الانقسام الذي يعيشه الكينيون إزاء قضايا تتعلق بالتفاوت الاقتصادي وغيره من الحقوق الأساسية.
وبسبب هذا الواقع الجديد الذي فرض نفسه، ينتهي الأمر بمراهقة مثل جانيت إلى بيع جسدها بعد أن أجبرت على ترك مدرستها التي احترقت بفعل العنف.
وتقول إنها كانت في مخيم للمهجرين في إلدوريت لفترة شهر عندما لاحظت أن صديقتها نيامبورا يتوفر لها دوماً الطعام ولباس نظيف، وعندما سألتها، أخبرتها الأخيرة بأنها تمارس الدعارة ودعتها للسير في ركابها.
وقالت إنه دفع لها 18 دولاراً أول مرة، ما أمن لها شراء طعام لوالديها وأخوتها الستة، الذين أبلغتهم أنها حصلت على عمل في المدينة دون أن يلحوا عليها بالأسئلة.
وتوضح "أهلي كانوا فقراء حتى قبل وقوع العنف.. الآن كوني أعمل في الشارع، فإنني أحصل على 2000 شيلينغ كيني (40 دولاراً) بعد معاشرة خمسة إلى ستة رجال.."
وتستبعد المراهقة أي آمال بالعودة إلى مقاعد الدراسة، خاصة وأنها المعيل الوحيد للأسرة.
الجدير بالذكر أن عمدة المدينة سامي روتو طالب الشرطة مؤخراً باتخاذ إجراءات صارمة للقضاء على الدعارة، خاصة وسط المراهقات بعد أن بلغه أن فتيات بسن الثانية عشرة قد شوهدن في الملاهي الليلية.
وقال "لن نسمح بذلك.. هذه الدعارة ستؤدي بالتأكيد إلى تزايد انتشار الايدز، والعديد من الأسر ستفقد أولادها