فى البداية اعتذر لكم عاشقى براوووى أن لا تجدوا فى هذه الرواية البسمات التى كنتم تنتظرونها.. لأن كاتبكم يجد صعوبه فى نفسه فى صياغة الضحك ...عموما هى محاولة منا فى تقديم اللوان مختلفة نتمنى أن تنال رضاكم
ذكريات متوفى
حين أغفو.....
ستنتهى كل هذه الآلام ..حين أغفو
تلك الخلايا الصارخة من وطأة العذاب..تلك الوخزات المؤلمة..ذلك الأنين الذى يحاول جاهدا أن يلهى المرض عن افتراس الجسد...ذلك الحزن القابع ذلك الهم المتربع..كل هذا سيزول.........حين أغفو
حين أغفو..سأحلم بأمى الحبيبة...ليست وهى فى مرض موتها...بل فى أيام شبابها..شابة نضرة جميلة..يضحك سنها..وتطير خصلات شعرها..وتأخذنى فى حضنها..سأحلم بنفسى سعيدا سليما معافا ..محبا عاشقا للحياة جميلا صغيرا ..وذلك حين أغفو
************************************************** ************************************
رغم وهن العظم..وأشتعال الرئس شيبا ونسيان اللذات منذ زمن..إلا أننى شعرت بالنشوة تدب فى أوصالى كأنى ابن الخامسة عشر.....ذلك عندما رأيتها تدخل على فى ثوبها الأبيض الزاهى وقد أسدلت شعرها الأسود الناعم على كتفيها ..أقتربت من سريرى ...ولمست بأطراف أناملها الرقيقة أناملى ..وهمست..لاتتأخر..فأجبتها..لن أتأخر عليك
لكننى فوجئت بمن بجوارى يسألنى:أنته بتكلم مين
************************************************** *************************************
كنت كلما أخذتنى سنة من النوم رأيت مشهدا من حياتى...رأيت نفسى وأنا أرفع يدى لمدرستى راغبا فى الأجابة..رأيت فرحتى يوم ظهور نتيجة الثانوية..رأيت أيام العشق فى الجامعة..رأيت المظاهرات التى هتفت فيها..الأعلام التى أحرقتها ..البوابات التى أقتحمتها
رأيت لقاءات الأخوة وتسامرنا وضحكنا...رأيت دموع السحر فى رمضان
وكلما رأيت مشهدا أخذنى الحنين أليه وتمنيت لو يعود
لكن هناك مشهدا لم أره ورغم ذلك أشعر بأشتياق شديد نحوه
مشهد لم يحدث بعد
وأنا فى أنتظار حدوثه
************************************************** ***************************************
وطأ بقدميه الصغيرتين بطنى وهو يصعد فوق جسدى ليطبع قبله من فمه الصغير على خدى
تمتم بكلمات لقنوها له فقال:إن شاء الله هتعيش
نظرت إليه نظرة مشفق ..رأيت فيه وهو فى أنتظار أن يدور نفس دورتى ويعيش نفس رحلتى ثم ينتهى به الحال بعد عمر طال أم قصر فوق سرير مثل سريرى هذا فأشفقت عليه وقلت:إن شاء الله انته اللى هتعيش
************************************************** ***********************************
كان صوت القرآن يأتيينى منه وهو جالس بجوارى يقرأه لى...لايقطعه عن القراءة إلا إذا تحركت بجسدى أو فتحت عيناى..حينها كان يتوقف ويسارع إلى ليسألنى إن كنت أريد شئ فأجيب:أيوه..عايزك ماتبطلش قراية
كان القرآن يمنع عنى تلك الصور المفزعة التى تأتينى..كنت أشعر معه بأطمئنان شديد..لذا كنت أحاول أن أمنع نفسى من الحركة مخافة..أن تنقطع القراءة
************************************************** ************************************
كنت مغمض العينين عندما سمعت أحدهم يقول..العملية طولت أوى وأحنا معدناش حمل كل ده
فأجاب آخر:وياريته جى بفايده
شعرت بمرارة شديدة فى حلقى..وبدر إلى ذهنى قول شيخى رحمه الله:من جعل هواه قضاء الله...قضى الله له ماهواه
فأخذت أردد:اللهم إنى أسألك هذا المشهد الآن
************************************************** *****************************************
أبصرتهم وأنا أغادرهم....الجميع فى هرج وفزع...البعض يعدوا لاحضار المساعدة..والبعض يسقط مغشيا عليه..والبعض يعلو صوته بالنحيب والصراخ
لكننى لم أعد أعبأ لكل هذا
فأنا الآن مشغول
(إن أصحاب الجنة اليوم فىشغل فاكهون)