1 - آية التطهير : قالت عائشة : خرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) غداة وعليه مرط - كساء - مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله . ثم قال : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ( 1 ) ( 2 ) .
وقد ورد هذا الحديث متواترا في مصادر أهل السنة والمجاميع الحديثية والتفسيرية فضلا عن صحيح مسلم ، ونزول هذه
الآية في شأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعترته أهل بيته ( عليهم السلام ) . ليس محل نقاش وترديد ، وقد أشرنا
فيما سبق في فصل الرسول في القرآن والسنة إلى بعض المصادر والمجاميع السنية وقلنا : إن هذه الآية الكريمة صريحة في عصمة أهل البيت ( عليهم السلام ) من جميع الذنوب وأنهم مطهرون من الرجس والمعاصي ، صغيرها وكبيرها .
وذكرنا كذلك بأن الآية الكريمة تدل دلالة تامة على نفي ارتكابهم المعصية حتى في حالة السهو ومن غير القصد ، لأن السهو والخطأ وإن كان يرفع الحكم التكليفي والعقاب عن مرتكبه إلا أنه لا يرفع قبح الرجس والحرام ولا يدفع الأثر الوضعي المترتب عليه ( 3 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) الأحزاب : 33 .
( 2 ) صحيح مسلم 4 : 1883 كتاب الفضائل باب ( 9 ) باب فضائل أهل بيت النبي ( عليهم السلام ) ح 61 .
( 3 ) راجع ص : 199 . ( * )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 331
2 - آية المباهلة : أخرج مسلم بإسناده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا
فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلن أسبه ، لأن
تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم . سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول له وقد خلفه في بعض مغازيه . فقال له علي ( عليه السلام ) : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي . وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله . قال : فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي عليا . فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع
الراية إليه ففتح الله عليه . ولما نزلت هذه الآية ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) . . دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي ( 1 ) .
3 - حديث يوم الغدير : حدثني يزيد بن حيان قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد ابن أرقم ، فلما جلسنا إليه ، قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسمعت حديثه ،
وغزوت معه ، وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . قال : يا ابن أخي والله لقد كبرت سني ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي
* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح مسلم 4 : 1871 كتاب فضائل الصحابة باب ( 4 ) باب فضائل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ح 32 . ( * )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 332
من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فما حدثتكم فاقبلوا ، وما لا ، فلا تكلفونيه ، ثم قال : قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله واثني عليه ووعظ وذكر ثم قال : أما بعد ، ألا أيها الناس
فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ،
أذكركم الله في أهل بيتي . فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساءه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال : ومن هم ؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس . قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال : نعم ( 1 ) .
أقول : أخرج مسلم هذا الحديث في صحيحه بأسانيد متعددة ، ولكنه أسقط الشق الأخير منه ، الذي يختص بقصة الغدير المختصة بأمير المؤمنين الإمام علي ( عليه السلام ) ، بينما زيد بن أرقم هو من جملة المئات من رواة حديث الغدير يقول : ثم قام فأخذ بيد علي ( عليه السلام ) فقال : يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم عاد من عاداه ووال من والاه ( 2 ) .
ولا يخفى أن زيد بن أرقم عندما حدث بهذا الحديث ، فقد حرف المفهوم الصحيح والواقعي لأهل البيت ( عليهم السلام ) وأدخل فيهم آل عقيل وآل جعفر وآل عباس ، بينما الحديثان اللذان نقلناهما ذيل آية التطهير وآية المباهلة نرى أن رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) قد عرف أهل البيت ( عليهم السلام ) بحيث لم يجعل مجالا لزيد بن أرقم وأشباهه أن يبدوا رأيهم الخاص وحسب
* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح مسلم 4 : 1873 كتاب فضائل الصحابة باب ( 4 ) باب فضائل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ح 36 .
( 2 ) مستدرك الصحيحين 3 : 533 كتاب معرفة الصحابة ذكر زيد بن الأرقم الأنصاري ،
مسند الإمام أحمد بن حنبل 4 : 372 نقلاهما عن زيد بن أرقم . ( * )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 333
أهوائهم .
العصبية العمياء : إن موضوع غدير خم وحديث الثقلين من الأمور والقضايا التي ورد ذكرها بالتفصيل في كتب أهل السنة ومصادرهم ، وفي المئات من كتب محدثيهم ومؤرخيهم ومفسريهم وبأسانيد متعددة ، ولكن البخاري ومسلم وكما أشرنا سابقا
في الجزء الأول من هذا الكتاب ثقل عليهما تخريج أمهات فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) وأشهرها مثل هذا الحديث وذلك لتعصبهما المفرط ، وهذا المقدار الذي أخرجه مسلم في صحيحه من حديث الغدير محرفا وناقصا إنما هو جزء ضئيل من واقعة الغدير التاريخية .
وبهذه المناسبة نورد ما ذكره أبو حامد الغزالي : أجمع جمهور العلماء على أن قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وكذا قول عمر لعلي : بخ بخ لك يا أمير المؤمنين أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، فهذا يعني
تسليم ورضا وتحكيم ، ثم بعد هذا غلب الهوى لحب الرئاسة وحمل عمود الخلافة وعقود النبوة وخفقان الهوى في قعقعة الرايات ، واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار وسقاهم كأس الهوى ، فعادوا إلى الخلاف الأول فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا ( 1 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) سر العالمين : 21 . ( * )