دعوة
استمعت كثيرًا إلى ما يهم أناقتك وجمالك وشعرك وأظافرك، بل وحتى حذاءك؟
هذه المرة استمعي إلى ما يكتب لك عن قلبك وروحك وجوهرك، ولا أخالك إلا فاعلة.
فعقلك أهم من أناقتك وروحك أهم من أظافرك وآخرتك أهم من دنياك، أليس كذلك؟!
إذًا اسمحي لي أن أتحدث إليك في وجازة وعلى عجالة، فقد سمعت الكثير عن كل شيء فاسمعي هذه المرة القليل... والقليل!!
نبض الكتاب
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: "ولا يكن قلبك مثل الإسفنجة يتشرب كل شيء، بل اجعله مثل الزجاجة ترى الحقائق من ورائها ولا يدخلها شيء، يأخذ ما ينفعه ويترك ما يضره، يأخذ الصالح ويترك الفاسد".
من هي؟
المرأة الإسفنجية امرأة ذات فراغ ديني وخواء فكري، تقبل التبعية وترضى بالانقياد دون تمييز ولا تمحيص، فقد تحولت إلى ما يشبه المادة الإسفنجية التي تمتص كل مادة سائلة ترد إليها، لا تفرق بين الماء النقي أو الكدر.
إنها تمتص العذب الزلال وتمتص الماء الآسن، المرأة الإسفنجية يصدق على أفعالها وأقوالها وتصرفاتها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه».
وصدق صاحب المعجزات الباهرات، فقد حذا الكثيرات حذو القذة، بل ودخلوا جحر الضب وما خرجوا منه!!
أما المسلمة المؤمنة، صاحبة التميز، حفيدة عائشة وفاطمة وأسماء فإنها تزن الأمور بميزان الشرع، وتنظر بعين الدين، فما وافق قول الله وقول رسول صلى الله عليه وسلم أخذت به ورضيت، وما خالف ذلك نبذته وراء ظهرها، وكرهته، ودعت إلى الحذر منه.
سوء المنبت
المرأة الإسفنجية امرأة تسير دون دين وعلم، فها هي منذ أن استقرت في منزل زوجها وهي تغزل أمرها وتدبر حيلتها، حتى إذا استوت في قلب زوجها أو قاربت بدأت تتقرب إليه بتشويه صورة أهله على شكل جرعات متباعدة.
ففي كل شهر تنقل له كلمة واحدة ليصل إلى أذنه رأس كل شهر ما يكدر خاطره ويسيء فهمه ثم إذا أدركت وقوع ذلك في قلبه وأنه مطية لها بدأت تضاعف الجرعات السمية في قلبه بقصد التقرب إليه ومحاولة أن يكره أهله ويتقرب إليها ويشعر أنها الوحيدة الصادقة المحبة له.
بعد حين من ادعاء المحبة بل في شهور فقط بدأ يتناسى عشرين عامًا أو تزيد مع أهله... فبعد سنين المحبة والمودة بدأ يكره أخاه ثم أخته ثم والدته...
ثم اجتمعوا عليه كما أوهمته فكانوا في نظره ألد أعدائه وأشد خصمائه!!
شهور وهي تسقي ذلك المغفل بسم زعاف وكأس حنظل.
أما إن كان الرجل ذا عقل وحصافة وحسن إدراك فإنه ينهرها منذ الخطوة الأولى ويقطع عليها الطريق ولا يعودها على الغيبة والنميمة وفي من؟!
في أحب الناس إليه، وأكثرهم حقًا عليه!!
وهذه المرأة الإسفنجية ضحلة التفكير، قاصرة النظر، فربما عاد الرجل لرشده، وهذا غالبًا يكون، أو حصل نزاع وخلاف بين الزوجين، وهذا مألوف فتكون الإسفنجية في مهب الريح، لا تجد سندًا من أهله، ولا تجد معينًا منهم، وإن أدرك الرجل، ولو بعد حين سوء طويتها ودناءة خلقها فهي والأمر الجلل.
أما عن السيئات والذنوب فيكفي قطيعتها للرحم وتشويش الخواطر وتكدير النفوس، وما الغيبة والنميمة إلا لتلك طريق، وبئس الوقود إلى الآخرة.
وفي نهاية المطاف لا ظهرًا ركبت ولا أمرًا أدركت!! وهل يجني من الشوك إلا الحنظل؟!
للتأمل
كان ببغداد بزاز (1) له ثروة، فبينما هو في حانوته أقبلت إليه صبية فالتمست منه شيئًا تشتريه، فبينما هي تحادثه كشفت وجهها خلال ذلك فتحير وقال: قد والله تحيرت مما رأيت..
فقالت: ما جئت لأشتري شيئًا، إنما لي أيام أتردد إلى السوق ليقع بقلبي رجل أتزوجه، وقد وقعت أنت بقلبي، ولي مال، فهل لك في التزوج بي؟
فقال لها: لي ابنة عم وهي زوجتي، وقد عاهدتها ألا أغيرها، ولي منها ولد.
فقالت: قد رضيت أن تجيء إلي في الأسبوع نوبتين.
فرضي، وقام معها فعقد العقد، ومضى إلى منزلها فدخل بها.
ثم ذهب إلى منزله فقال لزوجته: إن بعض أصدقائي قد سألني أن أكون الليلة عنده.
ومضى فبات عندها وكان يمضي كل يوم بعد الظهر إليها.
فبقي على هذا ثمانية أشهر، فأنكرت ابنة عمه أحواله، فقالت لجارية لها: إذا خرج فانظري إلى أين يمضي؟
فتبعته الجارية فجاء إلى الدكان فلما جاء الظهر قام، وتبعته الجارية، وهو لا يدري إلى أن دخل بيت تلك المرأة، فجاءت الجارية إلى الجيران فسألتهم: لمن هذه الدار؟
فقالوا: لصبية قد تزوجت برجل تاجر بزاز.
فعادت إلى سيدتها فأخبرتها فقالت لها: إياك أن يعلم بهذا أحد.
ولم تظهر لزوجها شيئًا.
فأقام الرجل تمام السنة، ثم مرض ومات وخلف ثمانية آلاف دينار، فعمدت المرأة التي هي ابنة عمه إلى ما يستحقه الولد من التركة وهو سبعة آلاف دينار، فأفردتها وقسمت الألف الباقية نصفين، وتركت النصف في كيس وقالت للجارية:
خذي هذا الكيس واذهبي إلى بيت المرأة وأعلميها أن الرجل مات، وقد خلف ثمانية آلاف دينار وقد أخذ الابن سبعة آلاف بحقه، وبقيت ألف فقسمتها بيني وبينك، وهذا حقك، وسلميه إليها، فمضت الجارية، فطرقت عليها الباب وحدثتها بموته، وأعلمتها الحال، فبكت وفتحت صندوقها وأخرجت منه رقعة وقالت للجارية:
عودي إلى سيدتك وسلمي عليها عني، وأعلميها أن الرجل طلقني وكتب لي براءة وردي عليها هذا المال، فإني ما أستحق في تركته شيئًا.
البزاز: بائع البز،(البزة أي الرداء ) والبز: الثياب أو متاع البيت من الثياب ونحوها.
السراب
امرأة تحفظ أسماء الماركات التجارية ومحلات البيع والأسواق التجارية، بل وأسماء المغنين والمغنيات واللاعبين واللاعبات!! إنها تحفظ من ذلك أضعاف أضعاف ما تحفظ من كتاب الله، بل وتردد هذه الأسماء على لسانها أكثر مما تردد ذكر الله واستغفاره وتسبيحه!!
إنها امرأة تجري خلفت السراب، ولو سألتها عن كل شيء أجابت ولكن لو سألتها كم عدد سور كتاب الله لسكتت!!!
امتصت الإسفنجة غثاء الدنيا وحطامها، واسترجعت لتبرر بكثرة الأعمال وضيق الوقت.
للتأمل
قال عبيد الله بن عبدالخالق: "سبى الروم نساء مسلمات، فبلغ الخبر الرقة وبها هارون الرشيد أمير المؤمنين، فقيل لمنصور بن عمار: لو اتخذت مجلسًا بالقرب من أمير المؤمنين فحرضت الناس على الغزو، ففعل.
فبينما هو يذكرهم ويحرض إذ نحن بخرقة مصرورة مختومة قد طرحت إلى المنصور، وإذا بكتاب مضموم على الصرة ففك الكتاب فقرأه فإذا فيه:
إني امرأة من أهل البيوتات من العرب، بلغني ما فعل الروم بالمسلمات، وسمعت تحريضك الناس على الغزو وترغيبك في ذلك، فعمدت إلى أكرم شيء من بدني وهما ذؤابتاي فقطعتهما وصررتهما في هذه الخرقة المختومة، وأناشدك بالله العظيم لما جعلتهما قيد فرس غاز في سبيل الله فلعل الله العظيم أن ينظر إلي على تلك الحال نظرة فيرحمني بها.
قال: فبكى وأبكى الناس، وأمر هارون أن ينادي بالنفير، فغزا بنفسه فأنكى فيهم وفتح الله عليهم".
يا معشر النساء
القرش الأبيض لليوم الأسود، مثل تردده بعض النساء وتحرص على تطبيقه.
فالمرأة والإنفاق أمران متلازمان، فغالب النساء تنفق وبسخاء ولا تدخر شيئًا من مالها!!
إلا أن المثل الذي تردده لا ينطبق على الأزياء والفساتين والأحذية، إنما ينطبق على الزوج والوالدين والأقارب والأعمال الخيرية!!
ها هي مدرسة تعمل ست ساعات يوميًا وهي واقفة على قدميها تنتقل من فصل إلى فصل ومن طابق إلى طابق، وربما صعدت طوابق عليا وهي مريضة متعبة، أو في مراحل الحمل الأخيرة تجاهد وتجاهد.
أما في المساء فتبدأ رحلة التصحيح والتحضير لمدة ساعات، ونتيجة لهذا الجهد المتواصل شهر كامل تأخذ أجرًا يقارب الستة آلاف ريال، ثمن جهدها وعرقها وتعبها...
ورغم أنها المرأة المتعلمة إلا أنها تنفق هذا المال بعد هذا الجهد إنفاقًا غير صحيح وتصرفه في مصارف عجيبة، فربما اشترت بنصف هذا المرتب ساعة أو فستانًا.
أما الدار الآخرة فلا نصيب لها بل المثل على لسانها تردده!!
أما الأخرى من العاملات فهي قابضة غير منفقة، تردد القرش الأبيض لليوم الأسود، شح وبخل، فلا تنفق ريالاً لمنزلها ولا لمأكلها ولا تشتري حذاءا لطفلها ولا يعرف الأيتام والأرامل ريالاً من يدها!!
وكلما غلبتها شهوة الملبس والمأكل رددت المثل وهي تنظر إلى الريال وتحدثه أنت لليوم الأسود.
وقد يحدث من جراء بخلها وعدم إنفاقها مشاكل مع زوجها أو أبنائها وتكون أيامها سوداء وهي لا ترى ولا تبصر، إنما تسمع أقوال صويحباتها في الشح وعدم إعانة الزوج والمحتاجين، فتموت مرتين، مرة من جراء الجهد المبذول في العمل، والثانية في متابعة الريال ومشاكله!!
أما الأخت الموفقة فقد احتسبت الأجر في علمها، وإذا رزقها الله من ماله الذي أتى رزقًا فهي تسارع إلى الإنفاق في أوجه الخير، وتطرد اليوم الأسود بذلك الإنفاق والإحسان، ترى أن المال هبة من الله يعطيه من يشاء ويمنعه عمن يشاء، وأن للأمة حقًا في هذا المال، ترجو رحمة الله وغفرانه وكريم إحسانه، إحداهن تنفق نصف مرتبها وأخرى جزءًا منه وثالثة لها سهم من سهام الخير كل شهر، أين أنت عنهن غافلة؟!
في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن».
وأبشري أيتها المنفقة بوعد لا يخلف من الله عز وجل: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} [المزمل: 20]
أيتها الأخت لقد وعدك الله عز وجل على إنفاقك جنة عرضها السماوات والأرض لا نصب فيها ولا تعب.
هاهم أرامل وأيتام وها هم فقراء ومحتاجون بل هذا والدك ووالدتك... وهناك لو رأيت أبوابًا للخير مشرعة، فمدي بصرك لتري أوجه الخير والبر، لا حرمك الله الأجر، وجعل ذلك سترًا لك عن النار.
للتأمل
قال يحي بن معاذ: "ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا الحبة من الصدقة".
وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه إلى الله عز وجل.
المستشارة
تعلم أن تارك الصلاة كافر، ولا يجوز لها شرعًا أن تبقى زوجة له، ومع ذلك كله مضت سنوات وهي باقية كل عام تؤخر القرار!!
سنوات وهي في عصمة كافر، ويومًا سألت امرأة مثلها إسفنجية لا يقدم قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم شيئًا في قلبها... فإذا بها تردها وتثنيها عن عزمها على الفراق... ابقي معه!!
هذا شريك عمرك؟
أين تذهبين؟!
لست عاقلة؟!
أين يذهب أبناؤك؟!
قائمة طويلة لا نهاية لها.
أما والله لو قالت إنه يضربني أو يهين كرامتي لأجابت بلا تردد: تبقين مع رجل يهدر كرامتك ويذل عزتك، اتركيه!!
هناك ألف رجل يتمناك حتى أبناؤك لا خوف عليهم مع امرأة حديدية مثلك!!
إنها الثوابت والمتغيرات في ذهن المستشارة.. إذا كان لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فلا، وإن كان للهوى والعصبية فنعم وألف نعم، حتى وإن بقيت مع كافر وهي تعلم الحكم في البقاء معه!!
للتأمل
قالت إحداهن لأبيها: يا أبي لست أجعلك في حل من حرام تطعمنيه.
فقال لها: أرأيت إن لم أجد إلا حرامًا
قالت: نصبر في الدنيا على الجوع خير من أن نصبر في الآخرة على النار.
القرار.. القرار
نموذج مشاهد للمرأة الإسفنجية فهي خرابة ولاجة، لا سكن لها في البيت ولا قرار، تمضي صباحها كاملاً حتى بعد صلاة الظهر في مدرستها، ثم بعد العصر وإن تأخرت بعد المغرب هاربة للأسواق أو لزيارة الزميلات والصويحبات تراها ذاهبة!!
لا تعرف القرار، وهو الأصل وأذن لها في حاجة تأخذها وتعود مسرعة إلى دارها، اليوم انقلبت الآية، فها هي تأتي مسرعة إلى البيت ولكن لتخرج... وتعود إلى المنزل لتأكل أو تشرب، وتستبدل ملابسها وحذاءها ثم تعاود الخروج! أين حق الله وحق الزوج والأبناء والإخوان؟!
ثم إنه خروج ينبئك مظهره عن مخبره، خروج بمعصية لباس غير محتشم ورائحة العطر تفوح وقل ما تشاء.
إلى عهد قريب كانت المرأة لا تخرج من بيتها إلا كل شهر أو أكثر، بل ربما لدار أهلها وقبرها فقط، مع ما كانوا عليه من الحياء والحشمة، وخفض الصوت وقصر النظر.
ومع الأسف أن من يقوم بذلك هن بنات ونساء المسلمين بمتابعة الموضة والأزياء وإسقاط أطراف الحجاب، بأيديهن حتى يأتي يوم لا يرى فيه أثر للحجاب والله المستعان.
ومن الشواطئ القريبة تهب رياح تبكي والمسلمة تتعرى على الشاطئ!
كيف فعل بالمسلمة حتى وصلت إلى هذه الحال؟!
لا تحملي أيتها المسلمة أوزارك وأوزار من يأتي بعدك بالتهاون في أمر الحجاب والاحتشام والستر.
للتأمل
ذكر أن أحد الخلفاء العباسين قد غضب على أهل بلخ فبعث إليهم من يغرمهم الغرم، فأرسلت إلى الخليفة امرأة غنية بثوب لها مرصع بالجواهر صدقة عن أهل بلخ لضعف حالهم، فذهب به الموقد إلى الخليفة وألقاه بين يديه وقص عليه القصة، فخجل الخليفة وقال: "بلخ، وبرد ثوبها عليها، فلما رجع إليها الموفد بثوبها، سألت أوقع بصر الخليفة على هذا الثوب؟
قال: نعم
قالت: لا ألبس ثوبًا أبصره غير ذي محرم مني، وأمرت ببيعه، فبني المسجد والزاوية ورباط في مقابلته، وفضل ثمن الثوب مقدار ثلثه فأمرت المرأة بدفنه تحت بعض سواري المسجد ليكون هناك متيسرًا إذا احتيج إليه أخرج.
سفينة المجتمع
لدى نساء كثيرات يسقط ركن من أركان الإسلام عده العلماء الركن السادس، ألا وهو: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحجتها في ذلك واهية، فهي لا تريد أن تفقدها القريبة، أو تخسر الصديقة، أو تهجرها المديرة.
وأحيانًا كثيرة تتعذر بالضعف والحياء كما تسميه، وما علمت أن هذا جبن وخور وليس حياء، وإلا فالرسول صلى الله عليه وسلم كان أشد حياءً من العذراء في خدرها وصدع بأمر الدعوة، وأمر ونهى ونساء كثر يجهلن خطورة إقرار المنكر وعدم إنكاره.. بل حتى بالقلب.
للتأمل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والمرتد من أشرك بالله تعالى أو كان مبغض للرسول صلى الله عليه وسلم ولما جاء به، أو ترك إنكاره منكر بقلبه".
وسئل الشيخ سليمان بن عبدالله بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله عن معنى قوله تبارك وتعالى: {إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ} [النساء: 140]
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: «من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله».
فأجاب: "إن معنى الآية على ظاهرها، وهو أن الرجل إذا سمع آيات الله يكفر بها، ويستهزأ بها، فجلس عند الكافرين المستهزئين من غير إكراه، ولا إنكار ولا قيام عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، فهو كافر مثلهم، وإن لم يفعل فعلهم، لأن ذلك يتضمن الرضا بالكفر والرضا بالكفر كفر.
وبهذه الآية ونحوها استدل العلماء على أن الراضي بالذنب كفاعله، فإن ادعى أنه يكره ذلك بقلبه لم يقبل منه لأن الحكم على الظاهر، وهو قد أظهر الكفر، فيكون كافرًا، ولهذا لما وقعت الردة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وادعى أناس أنهم كرهوا ذلك لم يقبل منهم الصحابة ذلك، بل جعلوهم كلهم مرتدين إلا من أنكر بلسانه وقلبه".