هناك حقيقة طالما غابت عن الانتباه وهي ان للمعارك الزوجية الوانها الخاصة. يدخل الكثيرون في هذه المخاصمات دون ان يعرفوا الوانها. فهناك المخانقات السوداء، والمخانقات الصفراء ثم الحمراء والزرقاء وغيرها. من حق القارئ ان يسأل عن هذا. وهو ما انا مزمع على بيانه.
اولا المخانقات السوداء. وهذه تدور حول الإرث عندما يكون القوم في ثياب الحزن السوداء ويتخانقون على الفلوس. لهذا سميت بهذا الاسم. اما المخانقات الصفراء فهي ترتبط بالغيرة ولاسيما عندما تضبط المرأة زوجها وهو يبحلق في الشغالة الأصغر والأجمل منها. فيمتقع وجهها ويصفر لونها. وكثيرا ما تفقد اعصابها وترمي بالطنجرة على صلعة زوجها فيسيل الدم من رأسه. وهذه هي المخانقة الحمراء. على عكس ذلك تقع المخانقة الزرقاء عندما ينهال الزوج بالضرب على زوجته بما يترك كدمات زرقاء على سائر اعضاء جسمها. بقيت المخانقة البيضاء. ويشيع ذلك بين الفلاسفة والمفكرين. لا يحدث فيها شيء سوى ان يقضي الفيلسوف ليلته يتأمل هل ان زوجته موجودة حقا إم إنها مجرد وهم في الفكر لا وجود له في الواقع.
ولا شك في ان القارئ سيتساءل، أي نوع من المخانقات اخوض انا في بيتي. اللون الأخضر هو لون مخانقاتي وذلك لأنني من الخضر وانتمي لحزب الخضر البريطاني واكتب في جريدة «الشرق الاوسط» الخضراء. انني لا اتخاصم مع ام نايل بشأن ما تشتريه من الملابس والاثاث كما يفعل الآخرون. اتخاصم معها بشأن ما تنبذه منها. لها ان تشتري ما تشاء على الا ترمي ببديله في القمامة او ترمي به على الرصيف او النهر او البحر. هذا تلويث للبيئة وإسراف ندد به الرسل والانبياء. لها ان تشتري أي فستان يعجبها على ان تجد امرأة تلبس الفستان المتروك. لها ان تنبذ طنجرة الطبخ على ان تصنع منها قبعة تلبسها، لها ان تتخلص من جورب نايلون لا يعجبها على ان تعمل منه حزاما تشد به بطنها. اريد ان الفظ انفاسي الأخيرة وانا اقول: الحمد لله افارق هذا العالم ولم اضف الى زبالة الكرة الارضية كندرة واحدة.
هذه مسألة هينة في البلدان التعبانة. ففي بغداد يعيش الناس وينامون بجانب الفضلات المنبوذة ويتعشون بما يلتقطونه من الزبالة. ولكن الأمر ليس كذلك في لندن. كلما ارادت ام نايل ان تتخلص من تنورة او سترة، انفجرت بيننا مخانقة خضراء. اقول لها فتشي اولا عمن تأخذ التنورة القديمة منك وتلبسها. فتجيبني وتقول، البسها انت. وتنفجر المخانقة.
قبل ايام كنت مارا في الحديقة وسمعتها تحدث ابنة جارنا وتقول لها: «اسمعي يا بنتي وخذي نصيحتي. انت بعدك صبية وما تعرفين الرجال. افعلي أي شيء في حياتك، ولكن اياك والزواج برجل اخضر!».